بقالي فترة منقطع عن قراية الكتب، وده مضايقني كتير لأني حاسس إني بقيت مصدّي سيكا، وبالذات في مجالي اللي محتاج اطلاع طول الوقت … قرايتي الفترة الأخيرة منحصرة بس في المقالات والمناقشات، ولما بحتاج أتعلم حاجه أو أعرف عن حاجه، بركّز ع اليوتيوب أو كورسات فيديو أو مقالات أونلاين … وأحياناً من فترة للتانية كتاب صوتي، بس القعدة في البيت، بسبب الكوفيد والشتاء الشديد، أخرتني كتير … كنت متضايق من نفسي جامد.

الشرارة

من كام أسبوع عرفت إن فيه مجموعة زملاء في الشركة عندنا، معظمهم مبرمجين، عملوا قناة channel على سلاك Slack بتاع الشركة وسموها book-club أو نادي للقراية … بيتّفقوا على كتاب، في البرمجة أو غيره، ويقروا منه ع الأقل فصل كل أسبوع، وكل جمعة بيعملوا اجتماع ساعة يناقشوا فيه اللي قروه ورأيهم فيه وكدهون.

الموضوع عجبني وحمّسني إني انضم لهم، وأهي تبقى فرصة ألاقي اللي يشجعني … واخدت أول خطوة وابتديت أفكر في اللي بعد كده … فكرت كويس إزاي أكمل، وعشان ماأقعش في النص، قررت أخلي القراية عادة يومية، كل يوم لازم أقرأ جزء من كتاب، بالإضافة لمقالة أو أكتر عن حاجات في مجالنا مثلاً … أوّل عن آخر، شغلانة ساعة قراية كل يوم.

قبل النوم

عشان تبقى القراية عندي عادة فعّالة وأواظب عليها باستمرار من غير ما احس إنها حمل أو أزهق منها، لقيت أنسب وقت أعملها فيه قبل النوم مباشرة … لقيت إن ده أنسب وقت بالنسبة لي، يكون الواحد استريح من تعب الشغل طول اليوم، ويبقى ليها ميعاد ثابت مربوط في دماغي بالاستعداد للراحة.

المكان ليه دور كمان، على السرير في أوضة النوم، بعيد عن الكمبيوتر والتليفزيون وباقي المنبهات والمشتتات … طريقة القراية كمان كانت مهمة عشان أقدر أكمل، فقررت اشتري جهاز كيندل أقرا عليه الكتب لأنه مريح جداً للعين، على عكس شاشات الكمبيوتر والموبايل … وللي ما يعرفش، جهاز كيندل من عيلة شاشات الحبر الإليكتروني، ودي شاشتها قريبة جداً في ألوانها من الورق المطبوع، وتقريباً مافيش إضاءة بتطلع منها، عشان كده ممكن تقرأ عليها عادي جداً في ضوء الشمس المباشر … ولأن الكيندل جهاز قراية بس، فلا تنبيهات ولا آبز apps ولا أي تشتيت، قراية وبس.

أول كتاب

لأني مش من هواة القصص والروايات، اللي بيستهويني كتب علم النفس وتطوير الذات، غير طبعاً كتب مجال البرمجة اللي منها بيتعمّق في الفنيات أو اللي بيطلع لفوق ويتكلم عن تصميم النظم والهندسة المعمارية Architecture وخلافه … فابتديت أدور ع الكتب اللي فاتني قرايتها في المجالات اللي بحبها، واخترت كتاب Atomic Habits أو العادات الذّرية.

اخترت النسخة العربية عشان بقالي كتير جداً ما قريتش أعمال عربية … ورأيي المتواضع في اللي قريته لحد دلوقتي، إن اللي ما قراش الكتاب ده فايته كتير جداً … الكتاب بيشرح بصورة بسيطة ازاي تعمل تغيير كبير في حياتك عن طريق انك تعمل حاجات صغيرة بس مستمرة في صورة عادات … صدفة غريبة جداً لأن ده اللي بحاول أعمله فعلاً مع القراية … الكتاب بيقول لك بلاش تركّز على الأهداف وركّز على الوسيلة أو الطريقة، عن طريق إنك تعمل تغييرات صغيرة جداً في عاداتك وأسلوب حياتك، والنتايج هاتيجي لوحدها وبكميات كبيرة.

طبعاً ده تلخيص مخلّ جداً بس هي دي الفكرة العامة … تعمل تغيير صغير وليكن 1% في سلوك معين، مع 1% في سلوك تاني، على 1% في اتجاه تالت … وهكذا بدون مجهود كبير هاتلاقي نفسك ماشي في الطريق … عاوز تخس؟ ابتدي بحاجه بسيطة زي انك تمشي 10ق في اليوم (أول 1%)، زود الخضار في وجبة العشاء مثلاً (تاني 1%)، روح الجيم مرة كل أسبوع أو اتنين (تالت 1%)، خبّي الحلويات في الرفوف البعيدة عن نظرك وإيدك (1% تانية)، حط طبق فاكهة أو خضار في مكان يبقى قدام عينك طول الوقت (وآدي كمان 1%)، إلخ … وهكذا من غير التركيز على النتيجة واستعجالها، هاتلاقي حياتك اتغيرت للأحسن بصورة طبيعية تدريجية، وبقت جزء من أسلوب حياتك زيها زي الهواء والمياه.

الختام

القراية لا غنى عنها لأي انسان، ودي قصتي الصغيرة في اني أحاول أرجع لملعبها، وادمجها في حياتي بصورة مستمرة وبطريقة فعالة … بدون ما أحس إن القراية عبء أو أزهق منها بعد شوية … عادة أحس بالسعادة وأنا باعملها، وبدون ما أكون مستني أي مقابل سريع، لأني مقتنع جداً إنها عادة في غاية الأهمية، والنتايج هاتيجي لوحدها وقت ما تيجي براحتها … ولحد ما ده يحصل، أنا فخور بنفسي وسعيد بالخطوة المهمة دي.