مقدمة

الذكاء الاصطناعي وصل لقدرات وإمكانات هائلة، وخلاص نهاية الكاريير بتاعي قربت… دي الرسالة الضمنية اللي بفهمها من المحتوى الضخم والميديا والبروباجندا اللي مابقالهاش سيرة غير الـ AI… وبحكم إني مبرمج فأنا في الصفوف الأمامية اللي مرشحة بقوة للاستبدال.

في المقالة دي هاتكلم عن خواطري حوالين المسألة دي … عن تجربتي الشخصية في إني أساعد الـ AI إنه يستبدلني، هاخلي الذكاء الاصطناعي يقوم بالمهام بتاعتي، وأشوف وأحلل إن كانت فعلا النهاية قربت… وهاتكلم كمان عن تصوراتي للمرحلة واستعداد الشركات لده، والمخاطر والخوازيق.

الفقاعة

موضوع الذكاء الاصطناعي من المواضيع الساخنة اليومين دول… ليه لأ والأموال بتتدفق وبغزارة في القطاع ده في صورة أشبه بالفقاعة، المستثمرين بيرموا فلوس في أي حاجه ملزوق جمبيها AI بغض النظر عن القيمة الحقيقية اللي بتقدمها الحاجة دي… وكله بيسابق التاني وبيعلي عن اللي قبله عشان يلحق له مكان… الفقاعات بتتكون من سلوك ال FOMO ده.

وبتوع البزنس من ناحية تانية عاوزين يلحقوا حتة من التورتة … أي AI بربع جنيه نلزقه في المنتج بتاعنا بأي شكل، المهم نحشر أي ذكر للذكاء الاصطناعي عشان نرضي البيه المستثمر، وبرضه بغض النظر عن القيمة الحقيقية لده… ومش هايبقى غريب خالص إننا نشوف اليومين دول منتجات كتيرة مالهاش تلاتين لازمة، لكن ظهرت عشان الترند كده وده حالياً اللي بيوكل عيش.

مش معنى كلامي خالص إن مافيش فعلا منتجات قيّمة وفيها استغلال ممتاز للذكاء الاصطناعي وإمكانياته… لكن الجو عام بيقول إن فيه تلوث زايد ودوشة كبيرة من غير قيمة حقيقية… مشهد عبثي في المجمل مع أفكار حقيقية باينة زي نجوم صغيرة في سماء كبيرة سودا… وللأسف كتير من المنتجات دي، لحد دلوقتي ما فيش لسه حد منهم دفع التمن الحقيقي لاستغلال نماذج الذكاء الاصطناعي.

التمن الحقيقي

لحد هذه اللحظة، وعلى حد علمي، كل الشركات اللي ورا نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية المشهورة زي OpenAI بتاعت ChatGPT… كلهم بيحققوا خساير، لكن مازالوا مكملين عشان الاستثمارات الضخمة اللي بتترمي تحت رجليهم… ماظنش إنهم مهتمين يحققوا مكاسب دلوقتي خالص، لأن ببساطة زمن جني الأرباح لسه ماجاش… اللي شغال حالياً هو إغراق السوق بمنتجاتهم ونماذجهم لحد ما يبقى الاستغناء عنهم مستحيل، ساعتها “المستهلكين” هايدفعوا التمن الحقيقي “العادل” لاستخدام منتجات الذكاء الاصطناعي دي.

تطوير الذكاء الاصطناعي بيكلّف تكاليف أسية Exponential مقارنة بالإنجازات اللي بتتحقق… يعني عشان نمشي متر لقدام، التكاليف هاتتحسب بالكيلومتر… ولحد ما يحصل تغيير هيكلي في البنية التحتية أو ابتكارات خارقة في الشرايح الإليكترونية، فهايفضل ده الواقع… تكاليف ضخمة مستنية زبون يشيلها.

استبدلني شكراً

كمية محتوى ضخمة بتبعت نفس الرسالة الضمنية، زي ما سبق وقلت فوق… لكن للأسف كتير من المحتوى ده مصطنع، صناع محتوى كل اللي يهمهم هي الفرقعة وال reach وال clicks… واضحة أوي في استخدامهم للعناوين وتظبيط المحتوى من جوه وحشره بـ keywords.

ده خلاني عاوز أقطع الشك باليقين وأجرب بنفسي: هل فعلاً يقدر الذكاء الاصطناعي يكتب كود بدالي ويعمل باقي التاسكات بتاعتي؟ خليني أجرب.

تجربة 1

في التجربة دي طلبت من الأستاذ AI إنه يكتب كود لمشروع ويعمله كله لوحده، ولازم يكون مشروع بغرض حقيقي مش مجرد Hello World… اخترت Agent مشهور وكمان بيدعم نماذج لغوية كتيرة ومتقدمة… كتبت له نص الطلب prompt التمام وحددت له كله التفاصيل الفنية اللي ممكن أطلبها من أي زميل مبرمج.

النتيجة؟ مخيبة جداً للآمال… حاجات كتير ناقصة، اختيارات في التنفيذ غريبة، وبديهيات غايبة خالص … يعني أنا لو باكلم حد في مجالي، بيبقى دايماً فيه حاجات معروفة وcommon sense في شغلنا، بس واضح إنها مش كده بالنسبة للذكاء الاصطناعي… غير طبعا كمية ال bugs الكتيرة والمشاكل، لدرجة إني قعدت أظبط بنفسي حاجات كتيرة عشان أخلي المشروع يعرف يقوم.

تجربة 1.1

نتيجة التجربة السابقة خلتني كإنسان طبيعي ألوم نفسي ما ألومش ال AI، فقلت لازم أديله فرصة تانية… عملت نفس التجربة السابقة، لكن مع عدد من التحسينات… كلمت الباشا الكبير ChatGPT وقلت له يا معلم أنا عاوز أعمل كذا وكذا، فقام مشكوراً بتكسير المطلوب في شكل مهام بسيطة أي مبرمج مبتديء يقدر يفهمها، ومرتبة ترتيب منطقي، وتصاعدية في الصعوبة… هو نفس المشروع البسيط السابق اللي عملته في التجربة اللي فاتت، لكن الأخ ChatGPT حوله لـ 13 مهمة بحالهم، فيها كل تفصيلة كبيرة وصغيرة، بالإضافة للبديهيات اللي زودناها… وابتديت التجربة المحسنة، لقّمت ال Agent المهمة ورا التانية … اعمل مشروع فاضي، رتّب المجلدات والملفات، اعمل الصفحة الرئيسية ونسقها، الخ.

النتيجة؟ في الأول الاستجابة كانت معقولة، ولكن في النص مع تصاعد المهمات ابتدا يهيس جامد… المهمة الجديدة اللي يعملها يبوظ بيها حاجه كانت شغاله قبل كده، اطلب منه يصلحها، يبوظ حاجه تانية وهكذا… وحتى فهمه للمهمات البسيطة غريب حبتين، حتى الحاجات اللي أي إنسان ولو مش مبرمج يقدر يفهمها… يعني مثلاً قلت له اعمل لي قايمة للموقع فيها على الشمال اسم الموقع وعلى اليمين الرئيسية والمنتجات، يروح عامل لي قايمة مكتوب حرفياً على الشمال “اسم الموقع” وعلى اليمين الرئيسية ولنكات لكل المنتجات في الموقع … اخدت وأدّي معاه كتير عشان أحاول أخليه يصلح المشاكل دي لوحده، والنتيجة إن وقت كتير ومجهود كبير مني ضاع مقابل نتيجة ما تستاهلش… غير التكلفة اللي عمّالة تكبر لأن الكلمات tokens بقت كتير، غير إن الملفات بتكتر وكلها بتتاخد في السياق context وبالتالي تكّلف أكتر وأكتر مع كل مهمة.

تجربة 2

لحد هنا النتايج متواضعة ومش مستاهلة… فقررت أستخدمه زي مساعد ذكي، وده الاستخدام المنطقي والطبيعي للذكاء الاصطناعي في حالته الحالية… ده اللي أنا بعمله ألريدي، بس قلت المرة دي هازود العيار حبتين: هاختار مهمة متقدمة شويتين، واللي يقولي عليه هاعمله… يعني هافرمل خبرتي شوية واعتبر نفسي جونيور والذكاء الاصطناعي هو الـ Lead.

اخترت مهمة مركبة في الـ DevOps، عاوزه يعمل لي Pipeline يطلع لي Docker Image وبالتالي عاوزه كمان يعمل لي كذا Dockerfile… وعاوزه يكتب لي في النهاية docker-compose.yml يشغل الدنيا… مهمة تقيلة ومحترمة، لو أنا هاعملها لوحدي مع شوية مساعدة من جوجل وChatGPT تاخد لها في حدود من ساعتين لـ 4 ساعات.

لكن، لما حطيت ال AI في كرسي السواق، المهمة أخدت تقريباً يوم ونص، حوالي 10 ساعات… وبالمناسبة أنا هنا استعملت أفضل نموذج من الموجودين وهو Claude 3.5، وده في وسط المهمة حط لي في ال docker-compose.yml خازوق قعدت ألف حوالين نفسي عشان أحله… 4 ساعات من المناقشة مع Claude 3.5 و ChatGPT 4o و Deepseek V3 … أرفع لهم ملف docker-compose.yml ويدوني نفس الحلول وماحدش شايف الغلط فين … في النهاية ربنا ألهمني إني أبص على ملف docker-compose تاني شبهه عندي ولقيت إن المشكلة إنه اختار رقم إصدار version لنسخة فيها مشكلة اتحلت في النسخ اللي بعد كده، وماحدش من التنانين المجنحة دي أخد باله.

نتيجة التجارب

واضح إن النتايج بتتحسن كل ما شارك في العملية “عيون” أكتر، سواء بقى أشخاص حقيقيين أو AI… وكمان الجودة بتتحسن كل ما كان العنصر البشري المشارك خبير في المطلوب… ولكن هايفضل معدل الإنتاجية في العملية كلها مريب ومش واضح… هايبان في الأول إن الإنتاجية عالية لحد ما يحصل الخازوق وننسف كل الوقت والمجهود اللي وفرناه.

نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة بتعتمد بشكل كبير على تاريخ الـ Cutoff، يعني هي حصل لها تدريب على داتا لحد تاريخ كام… وبالتالي أي إصدارات أو تحسينات على مكتبات أو منصات بنستخدمها في شغلنا كمبرمجين بعد التاريخ ده، هاتكون ضلمة تماماً عند الـ AI، هو ما يعرفش عنها أي حاجه… لكن ده مش هايمنعه إنه يهلوس ويفتي، وبرضه مش هايقول مش عارف… وحتى لو قبل تاريخ الـ Cutoff ده، إجابات ال AI بتركز على المعلومات الأشهر… يعني لو عاوز تحل مشكلة حاصلة معاك في مكتبة مش مشهورة، أو حتى مشهورة لكن الإصدار اللي انت شغال بيه الداتا المتوفرة عنه أقل من اللي قبله… في الحالة دي كان الله في عونك، هاتلف حوالين نفسك حرفياً، وسلم لي على الإنتاجية… هاتحس ساعتها إنك شغال على كود Legacy مع إنه لسه معمول.

لكل ما سبق، أنا شايف إن الذكاء الاصطناعي في وضعه الحالي مستحيل يستبدلني… ممكن يبقى مساعد على جمب، لكن مستحيل يبقى ليه الريادة Lead… وده مش بس في الوقت الحالي، لكن على الأقل كمان في المدى المتوسط… لأن تكاليف تحديث وتدريب الذكاء الاصطناعي ورفع سقف تاريخ الـ Cutoff عملية مكلفة جداً… محتاجين إبتكار خارق Breakthrough عشان نتكلم عن ذكاء صناعي يعرف فعلاً يكتب كود بشكل مستقل تماماً… ربما ده يحصل في يوم من الأيام، لكن ما اظنش أبداً في الأمد القريب… والشركات محتاجة تفهم ده كويس، وإلا هاتعرض نفسها لمخاطر غير مدروسة Risk.

مخاطر مخفية

التسريحات Layoffs اللي شغالة يمين وشمال، هدفها الأساسي السيطرة على النفقات في ظل التضخم الحالي، ولأن فيه توقعات بتباطؤ النمو ومخاوف من حدوث ركود… وعلى الوضع الحالي للذكاء الاصطناعي، وبناءاً على تجربتي وتجارب ناس كتير، نقدر نقول إنه يقدر “نظرياً” في إنه يستبدل المبتدئين، لكن مستحيل يكون بديل للخبراء في مختلف مجالاتهم… على الأقل ده مش هايحصل لا دلوقتي ولا في القريب العاجل، لحد ما يحصل إنجاز إبداعي خارق وده ما اظنش أبداً يحصل في ظل التكاليف الحالية والبينة التحتية وتصنيع الشرايح الموجود.

وبالتالي، عندنا من ناحية تسريح للسيطرة على النفقات، بينتج عنه إن الشركة بتفقد خبراء كتير، سواء عن قصد أو بالصدفة… ومن الناحية التانية وعود وردية من حيتان نماذج الذكاء الاصطناعي إن قريباً جداً الـ AI هايستبدل المبرمجين وهانوفر قطر معبي فلوس… والآلة الإعلامية شغالة عزف سيمفونية بروباجاندا هاتودي في النهاية إن مدير ما في شركة ما هايصدق الكلام ده… ومش هايكدّب خبر ويطلع يغني للإعلام وباقي أصحاب المصلحة Stakeholders إننا بقينا شركة مدعومة وموجهة بالـ AI، وإننا هانقلل التكاليف ونستبدل البشر بالـ AI… وكإنه عاوز يقول: أنا عاوز الاستثمارات تنزل مطرة عليا.

لحد ما يحصل الخازوق الأولاني… أباطرة نماذج الذكاء الاصطناعي خلاص اندمجوا بشدة في هياكل الشركات، والاستغناء عنهم أصبح مستحيل، ساعتها ييجي بقى وقت جني الأرباح، وادفع يا حبيبي، مش عاوز AI؟ ادفع… غير الخازوق التاني… هاندمج الـ AI في شركاتنا ونبتدي نديهم مهام صغيرة، هايعملوها كويس جداً، نثق فيهم أكتر ونديهم حاجات أصعب وأصعب… في الأول هانراقبهم كويس جداً، لكن مع كل مرحلة ثقتنا فيهم هاتكبر أكتر وأكتر لحد، في لحظة ما، هانسلّم لهم الدفة، وهووب خطأ ما في سطر ما في كود ما في سيرفس ما في وسط أطنان من الخدمات السحابية… خطأ هايخلي الشركة تدفع اللي وراها واللي قدامها.

الخاتمة

اللي ابتدا كمحنة للخبراء في مجال البرمجيات، ممكن جداً ينتهي بمنحة … قيمتهم تبقى أعلى كتير والطلب عليهم يبقى مجنون، لأن الشركات ساعتها هاتعرف قيمتهم الحقيقية، بعد ما يلبسوا كام خازوق… أتمنى ده ما يحصلش ويكون المسؤولين في الشركات أوعى من كده وياخدوا بالهم كويس من المخاطر المخفية… لكنهم في النهاية بشر والبروباجندا أمر من السحر.