ملخص كتاب Think Again أو “فكّر تاني” - قوة أن تعرف ما تجهل - للكاتب آدم جرانت Adam Grant … واللي بالمناسبة ليه كتاب تاني رائع اسمه Originals ناوي أقراه تاني إن شاء الله.

كتاب Think Again بدأ بقصة مثيرة عن إنهيار شركة بلاكبيري Blackberry، الكل بيتكلم عن ازاي الشركة دي هي اللي خلقت التليفونات الذكية Smart Phones وسيطرت على القطاع ده بالكامل لفترة طويلة، والكل بيتكلم عن عبقرية الإتنين اللي انشأوها ومن هما صغيرين، وكمان فيه فيلم في السينما بيتكلم عنهم.

لكن محدش اتكلم عن أسباب انهيار الشركة وخسارتها لـ 50% من حصتها في السوق في سنة واحدة لصالح التليفون الجديد ساعتها اللي اسمه الآيفون iPhone … الأسباب دي هي جوهر كتاب “فكر تاني”، واللي نقدر نلخصها بإنها وصول الإنسان لحد من المعرفة، أو الغرور، مابيبقاش عنده قابلية بعدها إنه يغير قناعاته أو يعيد تفكيره.

كتير من الناس بتدعي إنها منفتحة للجديد والمتغيرات، لكن الحقيقة غير كده خالص … بل إن كتير من الناس، مثلاً، بتشجع النادي الفلاني مش عشان هو أحسن نادي، لكن عشان نشأوا في أسرة وأصدقاء يشجعوا نفس النادي، وطول الوقت من وهما صغيرين مش بيسمعوا غير كلام حلو عن النادي ده، وكلام وحش عن الأندية التانية … ولو سألت حد فيهم هايقول إنه بيحب النادي ده بمليء إرادته، وإن مشجعين الأندية التانية مغيبين.

طب لو حاولت تقنعه يشجع نادي تاني؟ أو ع الأقل يغير رأيه في اللي بيشجعوا نادي تاني؟ هاتلاقيه تقمّص شخصية واحد من تلاتة:

  • الواعظ: محاضرات عن جمال النادي وتاريخه وأمجاده … وعبقرية مشجعيه ، والأمراض الذهنية والتخلف العقلي اللي تخلي حد تاني مايشجعش فريقه
  • القاضي: ممنوع تخالف تشجيع النادي … وإلا هايكون مصيرك نكران الأهل والنفي من الشلّة، وفقدك لهويتك وتاريخك
  • السياسي: حب النادي جزء من حب الوطن، والخونة بس اللي يشجعوا فريق تاني … مش كده برضه يا -بينادي ع اللوبي اللي بيأيد رأيه عشان الشيطان ابتدى يتمكن منه-

وقيس بقى ما سبق على كل الأفكار والقناعات التانية، واللي منها كان سبب انهيار شركة بلاكبيري، واللي مديرها كان بيتريق ويقول إن عمر الناس ما هاتشتري تليفون جديد مالهوش تاريخ ومافيهوش زراير، الناس بس عاوزه موبايل تكتب عليه ايميلات وتشتغل عليه … دي كانت كلمات حقيقية من واحد من العباقرة والمخترعين اللي أسسوا بلاكبيري، واللي أدت في النهاية لإفلاس الشركة.

وبطول الكتاب وعرضه، الكاتب بياخدنا في جولات وقصص عن تأثير التحيزات علينا كأفراد وشركات ومجتمعات، وقد إيه إنها بتكون سبب توقف نمونا لأنها بتقفل عقولنا عند نقطة زمنية معرفية محددة … عشان كده مش غريب نلاقي اللي بيقولوا إن الأرض مسطحة، أو إن التطعيمات مؤامرة ماسونية، أو إن الأهلي لو بيلعب في أوروبا هايبقى بطل أوروبا.

كتير مننا بيوصل لمرحلة إنكار لكل إختلاف، عشان بنخاف على كينونتنا وتعريف إحنا مين … أو بنحس بقلق من فقد السيطرة والخوف من المجهول … من آليات البقاء والدفاع الذاتية إن مخنا بيحاول يعّرف ويحدد كل حاجه حتى لو غلط، لكن الغلط إننا مانبقاش عارفين ده، وكمان نتمادى بإننا نحاوط نفسينا بس باللي يشبهونا في رأيهم وقناعاتهم … السوشيال ميديا من أسوء الأماكن اللي بتنمّي القطبية والتحيزات، لأن الألجوريذمات بتاعتها معمولة إنها تخليك أطول فترة عندهم، فتشوف إنت بتحب إيه وتكتّر لك منه، وتعميك عن كلّ ما دون ذلك.

طب والحل؟ مش سهل أبداً، لكن الكاتب عرف يلخصه بإنك تتبنى شخصية رابعة:

  • العالِم: تتعامل مع أفكارك وآراءك إنها نظريات، خطأ يحتمل الصواب … تدّور على اللي بيعارض فكرتك قبل اللي بيأيدها … تكون سعيد باختلاف الرأي لأن دي فرصة إنك تتعلم وتكبر … تفضل طول عمرك تبحث وتتعلم طول الوقت … تجمّع حواليك اللي بيناقشك قبل اللي بيهتف لك.

والشركات كمان، تدّي فرصة لموظفيها يفكروا بره الصندوق، ويتحدّوا مفاهيم الـ best practices وإن هي دي طريقتنا في الشغل وإحنا بنعملها كده … تشجيع الأفكار الجديدة والترحيب دايماً بمناقشة ونقد الأفكار القديمة … العالم بيتطور، واللي مش هايواكب التطور ده هايفضل عايش محبوس في زمنه، في أوضة الفيران.

ملاحظة أخيرة: مش هدفي أبداً إنّي أطلب من حد إنه يشكك في عقيدته … أنا مسلّم موحّد، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله … الكلام عن العلم والبحث عن الحقيقة أحياناً بيسبب حساسيات زايدة، جزء برضه من إغلاق العقل ورفض الأفكار الجديدة … ع الأقل اللي أنا شخصياً استفدته من الكتاب وناوي أطبقه هو إني من هنا ورايح، أتعامل مع كل العلوم الدنيوية بشكل مختلف، أحاول أكون شغوف بالمعرفة والبحث، والاختلاف يكون فرصة للمزيد من البحث والمعرفة والنمو … هداني الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.